لغتنا هي هويتنا وهي رمز عزتنا وحضارتنا، وثقافتنا العربية والإسلامية العريقة، علينا جميعاً أن نحترمها وننميها في أوساط أجيالنا الحاضرة والواعدة، كي تظل أميرة لغات العالم وتاجها، لأنها لغة القرآن الكريم الذي أنزل هدى للناس جميعاً
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

كيف تُسهم جائزة محمد بن راشد للغة العربية في الحفاظ على التراث العربي؟

في زمن تتغير فيه اللغات وتتطور باستمرار، تبرز أهمية الحفاظ على التراث اللغوي، وخاصة اللغة العربية التي تمثل تاريخًا غنيًا وهوية ثقافية متجذرة في المنطقة. وقد أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة على عاتقها مسؤولية الحفاظ على هذه اللغة، متبنيةً رؤية واضحة لحماية التراث اللغوي وضمان ازدهار اللغة العربية في المستقبل.

تتقدم جائزة محمد بن راشد للغة العربية كخطوة رائدة في هذا المجال، حيث تسهم من خلال مبادراتها المتنوعة في الربط بين عراقة اللغة العربية وتطبيقاتها الحديثة، ولتؤكد أن اللغة ليست مجرد قواعد للنحو والصرف، إنما هي حاضنة للثقافة والفكر والتاريخ.

 

في الدورة الثامنة الأخيرة للجائزة، التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، كُرّم أفراد ومؤسسات قدموا إسهامات كبيرة لدعم اللغة العربية على الصعيد العالمي؛ عدا عن كون هذه الجائزة تقديرًا واعترافًا بهذه الإسهامات، هي أيضًا رمز لرؤية إستراتيجية تهدف إلى غرس حب اللغة العربية في قلوب الأجيال القادمة.

 

تراث عريق متجذر في عمق التاريخ

اللغة العربية من أقدم اللغات الحية اليوم، وهي تعكس غنى التاريخ والثقافة في العالم العربي. فقد كانت على مر العصور الوسيلة التي تعبر عن إبداعات الفكر الإنساني في مجالات الشعر والفلسفة والعلوم. ومن شعراء الجاهلية إلى فلاسفة العصر الذهبي للإسلام، كانت اللغة العربية أكثر من مجرد وسيلة للتواصل؛ إنها رواية حية لتاريخ حضارة عريقة.

 

في خضم عالم متسارع الوتيرة والتغير، تطغى فيه اللغات الأخرى على اللهجات المحلية واللغات الأم، يغدو الحفاظ على اللغة العربية مطلبًا ضروريًا ليس لحماية الثقافة العربية فحسب، بل لمواجهة هذا المد الطاغي، وهنا يبرز الدور المحوري لجائزة محمد بن راشد للغة العربية في حماية اللغة العربية وتراثها وتعزيز قدرتها على مواكبة التطور الحاصل في العالم.

 

الماضي والحاضر والمستقبل

تؤمن الجائزة بأن اللغات ليست ثابتة وبأنها تتطور وتتكيف مع الزمن. وفي عصر التكنولوجيا الحديثة، منحُ الجائزة لمبادرات مثل "فسيلة" التي طورت تطبيقًا ذكيًا لتسهيل تعلم اللغة العربية، خطوةٌ في سبيل استدامة اللغة وتجديدها وملائمتها للعصر الرقمي.

كما تركز الجائزة على التعليم في المراحل المبكرة، حيث تعكس مبادرات مثل "المنهج العالمي لتعليم اللغة العربية للأطفال في مرحلة التعليم المبكر" التزام الجائزة الواضح بزرع حب اللغة في نفوس الجيل القادم لضمان استمراريتها في المستقبل.

 

مد جسور التواصل

تاريخيًا، كانت اللغة العربية جسرًا ثقافيًا يربط بين الحضارات، فمن مكتبات بغداد إلى الترجمات الحديثة، لعبت العربية دورًا حيويًا في نشر المعرفة. تضيء جائزة محمد بن راشد للغة العربية على هذا التراث من خلال دعم مبادرات تساهم في تعزيز التواصل الثقافي.

 

الاهتمام العالمي

يتزايد الاهتمام العالمي باللغة العربية، ويتجلى ذلك من خلال المشاركة الواسعة في جائزة محمد بن راشد، حيث شارك متسابقون من 65 دولة في آخر دورة لها، مما يجعل الجائزة تسهم في تعزيز مكانة اللغة العربية كلغة عالمية.

يذكّرنا الفائزون كل عام بأن اللغة العربية ليست مجرد موروث، بل هي لغة حية، مليئة بالحيوية والإبداع، تعزز الحوار والابتكار. بمحاورها وفئاتها المتفرعة في ميادين الإعلام والتعليم والتقانة والترجمة، تؤكد وتحرص جائزة محمد بن راشد للغة العربية على أن تظل العربية حجر الزاوية في الثقافة العالمية.